
بقلم م. هبة هندى
*مدربة توازن نفسي ورحلات
مدربة توازن نفسي ورحلات روحانية وتطوير الذات
المقدمة
في حياة مليئة بالتحديات اليومية، نمرّ كثيرًا بأوقات تجعلنا عالقين في دوامة من الأفكار الغير إيجابية، ما يزيد من التوتر والقلق. ومع ذلك، هناك سر بسيط يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في تحسين حياتنا وهو “التفكير الإيجابي”. لكن، كيف يمكن لهذا الأسلوب أن يُحررنا من تلك الأفكار ويمنحنا بداية جديدة نحو حياة أكثر راحة وتوازن؟
أهمية التفكير الإيجابي
التفكير الإيجابي هو أكثر من مجرد كلمات أو عبارات ملهمة؛ إنه نهج حياة يُغيّر من نظرتنا لأنفسنا وللأحداث من حولنا. إذ يشجعنا التفكير الإيجابي على التركيز على الفرص بدلًا من العقبات، والعمل على الحلول بدلًا من الغرق في المشاكل. وقد أظهرت دراسات عديدة أن الأشخاص الذين يعتنقون التفكير الإيجابي يتمتعون بقدرة أكبر على تجاوز الصعاب، والتعامل مع الضغوط اليومية بمرونة وثبات.

كيف يؤثر التفكير الإيجابي على حياتك؟
من خلال اعتماد التفكير الإيجابي، نستطيع تغيير حياتنا في عدة جوانب أساسية:
١- تحسين العلاقات الاجتماعية: الأشخاص الإيجابيون يميلون للانسجام مع الآخرين وتكوين علاقات أقوى، حيث يساهم تفاؤلهم في نشر الطاقة الإيجابية المحفزة للتواصل الفعّال والداعم.
٢- رفع الثقة بالنفس: التفكير الإيجابي يزيد من ثقتنا في أنفسنا، ويُقوّي إيماننا بقدراتنا، مما يساعدنا على مواجهة التحديات بروح أكثر جرأة.
٣-تحقيق الأهداف بسهولة أكبر: عبر النظرة الإيجابية، نجد دافعًا أكبر لتحقيق أهدافنا، حيث نعمل بإصرار وبتفاؤل للتغلب على العقبات.
تجارب عملية من ورش العمل
في ورش العمل التي قدمتها، رأيتُ بوضوح أثر التفكير الإيجابي على حياة المشاركين. على سبيل المثال، كان هناك أشخاص جاءوا وهم يشعرون بضغط نفسي كبير. من خلال تطبيق تمارين التفكير الإيجابي، مثل التركيز على الجوانب الإيجابية وممارسة الامتنان، بدأ المشاركون يلاحظون تغيرات ملموسة. لقد شعروا بالتحسن في طريقة تعاملهم مع المواقف، وزادت ثقتهم في أنفسهم، وبدأوا يرون أنفسهم كأفراد قادرين على تحقيق التغيير الذي يريدونه في حياتهم.
نصائح لتطبيق التفكير الإيجابي في حياتك
١- الامتنان اليومي: اكتب كل يوم ثلاثة أشياء تشعر بالامتنان تجاهها، فهذا التمرين يعزز رؤيتك للجانب المشرق في حياتك.
٢- مراقبة الأفكار: عندما تلاحظ أفكار غير إيجابية، حاول استبدالها بأفكار إيجابية أو محايدة، وتجنب النقد الزائد للذات.
٣-التواصل مع الأشخاص الداعمين: ابحث عن الأشخاص الذين يتمتعون بطاقة إيجابية في حياتك وتواصل معهم، حيث إن تأثيرهم يمكن أن يدعمك في رحلتك.
٤- التعلم من التجارب السابقة: حاول دائمًا أن ترى العقبات كتجارب للتعلم، وركز على ما يمكن أن تُضيفه تلك التجارب من دروس مفيدة.

الخاتمة
التفكير الإيجابي ليس مجرد وسيلة لتخفيف الضغوط اليومية، بل هو أسلوب يعيد بناء نظرتنا للحياة ولأنفسنا، ويمهد الطريق نحو تحقيق السلام الداخلي. تبني هذا النوع من التفكير يمكن أن يكون البداية الحقيقية لتحررنا من الأفكار الغير إيجابية، وفتح آفاق جديدة مليئة بالرضا والتوازن.
ملاحظة حول استخدام مصطلح “غير إيجابية”
في هذا المقال، لم نستخدم كلمة “سلبية” واستبدلناها بمصطلح “غير إيجابية” لما لهذا التغيير من أثر على العقل الباطن. في علم النفس، يُقال إن العقل الباطن لا يدرك صيغة النفي جيدًا، بمعنى أنه عند استخدام كلمة “غير إيجابية”، يكون تأثيرها أهون على النفس، بعكس كلمة “سلبية” التي تُثير مشاعر غير مريحة في العقل الباطن.
التفسير العلمي:
يرتبط هذا الأمر بنظرية العلاج المعرفي السلوكي (CBT) ، التي تُظهر أن اللغة التي نستخدمها تؤثر على طريقة تفكيرنا وشعورنا. فعندما نستخدم كلمات محايدة أو إيجابية بدلًا من كلمات “غير إيجابية”، نُساعد العقل على تشكيل استجابات عاطفية أقل حدة، مما يُمكّننا من التفاعل بشكل أفضل مع أفكارنا ومشاعرنا
 
				