الكينوا ثروة قومية

كتب الأستاذ الدكتور/علي بحبو

يعتبر نبات الكينوا مصدر البروتين الرئيسي لكثير من السكان الأصليين في منطقة جبال الانديز في أمريكا الجنوبية وله إهتمام كبير في البلدان النامية، وحاليا زادت أهميته الإنتاجية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وآسيا وأفريقيا، وقد إختارته منظمة الأغذية والزراعة العالمية كأحد المحاصيل المستقبلية لتأمين الغذاء في المستقبل، والكينوا عالية القيمة الغذائية لإحتوائها على نسبة عالية من البروتين والأحماض الأمينية الأساسية (الليسين ، الهستيدين ، الايزوليوسين ، الميثيونين)، والاحماض الدهنية الغير مشبعة، ويتركز في البذور بعض الفيتامينات الهامة (A ، E ، B2) وكذلك بعض العناصرالهامة الجسم الإنسان ومن أهمها الكالسيوم والحديد والنحاس والزنك، وأيضا محتواها العالي من الفيتامينات خاصة فيتامين C ، -caroteneβ، وهي ضرورية لبناء جسم الإنسان مقارنة مع القمح والشعير والذرة والشوفان والأرز … وهذا النبات من المحاصيل الغذائية ذات القدرة الإنتاجية العالية التي تمتاز بقدرتها الفائقة على النمو تحت ظروف البيئة القاسية المتمثلة في ملوحة الماء والتربة والبرودة ونقص المياه، والتي تعاني منها مساحات عديدة خصوصا في ظل نقص المياه وتأثير التغيرات المناخية، كما أنها ليست عرضة للإصابة بالأمراض المعتادة لمحاصيل الحبوب … وفي ظل إتجاه الأنظارللتوسع في الزراعة المستدامة للكينوا، تم تحسين صفات النبات، مما ترتب عليه فوائد كبيرة عن طريق خفض تكاليف المعالجة، وقد نجحت جهود التهجين في هولندا في الحصول على تراكيب وراثية جديدة مبكرة النضج في الدنمارك تميزت بإنتاج محصول بذور جيد في ظل ظروف النهار الطويل من شمال إلى جنوب أوروبا وإنتاج أصناف من الكينوا تتعدد في ألوان البذور، مما يمكن أن يفتح الفرص أمام المزارعين من حيث الجاذبية الجمالية للبذور، كما يمكن أيضا تحقيق فوائد غذائية حيث وجدت خصائص غذائية محسنة ترتبط بلون بذور الكينوا، وعلى سبيل المثال أظهرت بذور الكينوا الحمراء زيادة نشاط مضادات الأكسدة مقارنة مع بذور الكينوا الصفراء … والزراعة هي الركيزة الأساسية للإقتصاد الوطني، وتعتبر البديل الإقتصادي المستديم، وهي التي تديم الإستدامة، وهي المنطلق الأول للوصول إلى العلم والعمل الذي يديم الحياة، حيث تعتمد عليها كل الشعوب لتفعيل جميع الإختصاصات ولاكتمال دورة الحياة من منطلقها لتحقيق الأمن الغذائي والأمان المعيشي وإستثمار ما يتوفر من المياه والمناخ والتربة مع وجود الإمكانيات والكفاءات في العلم والبحوث وعوامل التطور في العمل والأيدي العاملة، هذه كلها مدعاة للنجاح الذي يمكن تحقيقه ويجعل العمل متميزا لمعالجة ومكافحة التصحر والتلوث البيئي والمردود الإقتصادي والبطالة الناتجة من التغاضي عن تفعيل الزراعة في دورها الهام … وحيث يشكل النمو الديمغرافي والتطور الإقتصادي والتحضر والتلوث ضغطا على موارد المياه المتجددة خاصة في المناطق الشبه قاحلة والقاحلة، ولكون أن ندرة المياه هي عائق جوهري للزراعة في أجزاء كثيرة من العالم، فقد إتجه الإهتمام إلى البحث عن زراعات غير شرهة للمياه، إلى جانب البحث عن طرق جديدة للري الذكي لترشيد المياه لقطاع الزراعة، وهو الأكثر حساسية بالنسبة لندرة المياه من بين جميع قطاعات الإقتصاد، ولمعالجة هذه القضية المتنامية بدأ التركيز على الزراعات الصحراوية الغير شرهة للمياه مثل الكينوا والدخن والسرجم والتريتيكالي والحبوب الزيتية مثل القرطم والكانولا، والتكيف مع ندرة المياه وإنتاج محاصيل غذائية غير تقليدية مكملة للمحاصيل التقليدية سواء كانت من الحبوب أو الزيوت … والكينوا واحدة من أهم النباتات التي تتحمل نقص المياه خلال موسم النمو، حيث يمكن أن تستهلك فقط ثلث إستهلاك نبات القمح من المياه خلال الموسم … وعموما يكفي الكينوا في حالة الزراعة ٣-٤ ريات طوال الموسم، أي أنه يمكن ريه كل ٢٥ إلى ٣٠ يوم حسب نوع التربة وتساقط الأمطار والصنف المزروع، بينما في الأراضي الرملية مع الري بالتنقيط يمكن ريه كل ٨ إلى١٠ مرات حسب معدل تصريف المياه وعمر النبات، أما بالنسبة للري بالفلوبي سبرنكلر، وهو النظام الذكي في الري فهو يوفر ٣٠% من المياه مقارنة بالأنظمة السابقة الذكر، ويحدث إنبات للبذورفي غضون ٢٤ ساعة بعد زراعتها عندما تكون الرطوبة كافية في التربة حول البذرة وتظهر بعد ٥ إلى ٧ ايام، وفي حالة الزراعة المتأخرة قد تظهر بعد أكثر من ١٠ أيام، وقد أثبتت جدوى زيادة معدل الري الذي يؤدي بدوره إلى نقص الإنتاجية … وقد إتجهت الأنظار في الآونة الاخيرة إلى التوسع في زراعة نبات الكينوا في مصر في محافظا…