غطرسة نتنياهو

الكاتب الصحفي عــــلاء ثــابت يكتب
قال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو إنه سيغير خريطة الشرق الأوسط. هكذا بلغ به الغرور إلى حد تصور أنه باستخدام القوة المفرطة وارتكاب المذابح فى غزة ولبنان يمكنه أن يغير خريطة المنطقة لتتناسب مع تصوراته ومصالح كيانه، وتصوراته عن نفسه بأنه المنقذ لدولة إسرائيل. ويظن أنه سيتمكن بالحديد والنار من تحقيق هذه التصورات، متجاهلًا أنه يعمق الكراهية ويزيد الاحتقان. ومن الواضح أن نيتانياهو يسعى إلى توسيع نطاق الحرب، ولا يأبه بالمناشدات الدولية التى تحذر من اندلاع حرب إقليمية واسعة قد تشمل قوى دولية. بل إنه لا يكف عن الاستفزازات التى تدفع الأطراف الإقليمية إلى الاشتباك والرد. ومن هنا يمكن أن ندرك أن نيتانياهو يرغب فى استدراج الولايات المتحدة الأمريكية لتشارك فى العمليات العسكرية مباشرة، وسيكون لأى مشاركة أمريكية مباشرة تداعيات خطيرة، وقد تصبح المنطقة ساحة للاحتراب الدولي.
إن الخطوة الأخيرة لنيتانياهو بشن هجوم برى على لبنان تأتى فى إطار مخطط توسيع الحرب فى المنطقة، ويريد أن يحقق مجداً شخصياً بالقضاء على الفصائل الفلسطينية المسلحة فى غزة، وكذلك حزب الله فى لبنان. ويظن أنه اقترب من تحقيق هذا الهدف، رغم أن الشواهد تؤكد أنه يدفع بالجيش الإسرائيلى إلى مستنقع كبير، وأنه مستمر فى خوض حرب استنزاف طويلة ومعقدة، وأن مثل هذه الحروب من الصعب كسبها، وهى قابلة للتمدد والاتساع، وستكبد إسرائيل خسائر عسكرية واقتصادية وسياسية باهظة، خاصة أن الجيش الإسرائيلى ليس مهيأ ولا معتاداً على حروب الاستنزاف الطويلة. كما أنه لم يحقق أهدافه العسكرية والسياسية فى قطاع غزة الصغير والمحاصر، فلم يتمكن من إطلاق سراح المحتجزين، ولا اقتلاع الفصائل الفلسطينية المسلحة. وبينما لم يتمكن من إنجاز أهدافه فى غزة، انتقل ليشعل حرباً أكثر شراسة فى لبنان، وظن نيتانياهو أن الفرصة لا يمكن تفويتها عندما نجحت المخابرات الإسرائيلية والأجهزة الأمنية فى تحقيق اختراقات واغتيالات طالت الصف الأول من حزب الله اللبناني، وعلى رأسه الأمين العام للحزب حسن نصر الله. لكنه تلقى ضربتين قويتين متتاليتين، الأولى عندما هاجمت إيران قواعد عسكرية إسرائيلية بنحو 200 صاروخ باليستى فرط صوتي، وتؤكد المصادر الدولية أن معظمها اخترق القبة الحديدية ووصل إلى أهدافه. والضربة الثانية عندما وقعت ثلاث مجموعات إسرائيلية من نخبة الكوماندوز فى كمائن على الحدود اللبنانية، وسقط العشرات بين قتلى وجرحى، فى مؤشر قوى على أن مغامرة اجتياح لبنان لن تكون نزهة، بل ستكون حرباً بالغة الصعوبة، يمكن أن تهدر ما حققته إسرائيل من نجاحات عسكرية ومخابراتية فى الشهر الماضي. وإذا أصر نيتانياهو على المضى قدماً فى حروبه واجتياحاته، فإنه سيغوص أكثر فى أوحال الحروب غير النظامية، ويدفع بحزبه وبإسرائيل إلى مقامرة خطيرة. ولهذا، على الولايات المتحدة أن تكبح جماحه، قبل أن يورطها فى حروب ليست من مصلحتها ولا مصلحة دول المنطقة، وإلا فإن الخسارة سوف تلحق بالجميع.






