الشتاء والغولة


بقلم / فاطمة سرحان
في شتاء طفولتنا كنا نجتمع في بيتنا الدافيء المليء بالونس والسمر ودفء الأحاديث بين والدي وامي وضجيج لهونا انا واخوتي ثم تنادي جدتي علينا لتجمعنا
وتحكي لنا قصص الغولة لتلهينا عن اللعب وتغري عيوننا بالنوم ربتنا حكايات جدتنا علي الخيال ولكنها دون أن تشعر اصابتنا بداء الخوف والغفلة
كبرنا واكتشفنا اننا وجيل كامل تربينا ونمنا دافيئن علي قصص الغولة في الشتاء فنمنا حتي فاجءنا مرور العمر
فقد استسلمنا للخيال وافقنا لنصطدم بالواقع الذي جاء بما لا يشبه احلامنا
استيقظنا اخيرا لنجد أن الغولة لم تعد لها شكلا مخيفا كالذي كان في حواديت جدتي وجدناها في كل تطور يؤدي بينا الي التباعد ويحبس كل منا في غرفة مع شاشة لايعلم شيء عن أحد ولااحد يعلم عنه شيء وجدناه في ذوبان الالفة شيئا فشيءا بين الأسرة الواحدة وبين الأهل من عائلة واحدة وبين الاصدقاء وبين الجيران وبين العالم أجمع
لم تعد الغولة ذلك الوحش المخيف ذو الاسنان الكبيرة فقد اصبحنا نجدها في لعبة مسلية تؤدي بلاعبها مع الوقت الي الإدمان أو ربما الي الانتحار أو ارتكاب جريمة من جراءم النفس ولنا أمثلة كثيرة في حوادث مريبة وشاذة علي مجتمعنا وكل هذا تحت مسمي لعبة.
وجدناها في جراءم إنسانية بشعة ترتكب علي مراي ومسمع العالم ولانملك أمام هذه الغولة غير الصراخ عبر هاشتاجات لايهتز لها قلب غيلان العالم
جدتي ….
لقد أصبحت الغولة حولنا في كل شيء وفي كل الفصول نسير بجانبها نعايشها نحملها في حقاءبنا وجيوبنا واحيانا ترتديها ونشربها واكثرها في عقولنا تلازمنا كافكارنا
كبرنا ووجدنا أنفسنا نعاصر جيلا يشبه الحاسب الالي لم يتربي علي الخيال ولم تطارده الغولة مع صوت امطار الشتاء ووجدنا
أناسا بلا ماوي يفترشون أرصفة الشوارع مع غولة البرد القارس والفقر القاتل ومدن تسكن بيوتها غولة الاحتلال الظالم وشعبا أصبح غولة ياكل وطنه واراضيه
كبرنا وكسرت قلوبنا من كل فارس امتطي حصان ابيض في حدوتك ودمعت عيوننا علي احلام اخذت العمر وذهبت
كبرنا وأصبح الشتاء لبعضنا حنينا ولبعضا خمولا ولبعضنا دفئا ولبعضا الما ولبعضنا مأساة نحيا لياليه بدون خيال فنحن في زمن الصدمة ولسنا في زمن الخي






