Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

النفخة الكدابة

الأديب السكندرى / مصطفي نصر يكتب :

كنا نتابع الكتاب الجيدين بإهتمام، نقرأ لهم ونعرف أخبارهم، لكن هناك زملاء لنا يتعاملون بطريقة تختلف عن طريقتنا، فهم يهتمون بالذين يسيطرون على الصفحات الأدبية، ويتنكرون للجيدين الذين لا يملكون قدرة على النفع.
كنت أنا وصديقي، نتقابل مع الروائي حماد الغرباوي – نسهر معه في قهوة جابر أو في أتينيوس، ونتقابل معه في الفندق الذي يقضي فيه أيامه بالإسكندرية
زملاؤنا لم يهتموا بحماد الغرباوي، رغم شهرته كروائي وقصاص من الدرجة الأولى، كما إنه صحفي في جريدة الأخبار المشهورة، لكن إسمه ممنوع أن يذكر في الصفحة الأدبية فيها، لخلاف بينه وبين المسئولين على الصفحة.
زملاؤنا كانوا يهتمون بمحررين بالصفحات الأدبية لإنهم مقربين من المشرف السابق علي هذه الصفحات.
00
لكن تغيرات حدثت في المناصب العليا في الجرائد والمجلات فجأة، فشغل مسئول الصفحة الأدبية في الجريدة المشهورة، رئاسة تحرير مجلة عريقة، توقع زملاؤنا أن هذا الصحفي سيكون المشرف على القسم الأدبي في المؤسسة الصحفية الكبيرة التي يعمل بها. فقد كان أهم صحفي فيها، لكن المعجزة غيرت المتوقع وبدلته، فقد إختاروا حماد الغرباوي مسئولا عن القسم الأدبي في هذه المؤسسة الصحفية العريقة.
وأقامت الصفحة مسابقة أدبية، جوائزها عالية، لم تعتدها الحركة الأدبية في مصر، وفاز بأحد جوائزها أحمد السباعي – وهو كاتب شاب من الصعيد- وحدث خلاف بينه وبين حماد الغرباوي ليلة توزيع الجوائز، لا أعرف كل تفاصيلها، أدى هذا إلى غضب أحمد السباعي.
تدخل مجدي عبد العزيز لفض الإشتباك بين حماد الغرباوي وأحمد السباعي، لكن في الحقيقة محدي عبد العزيز كان في داخله سعيداً لما حدث. فقد إختلى بأحمد السباعي وحدد معه موعدا قبل عودته إلى مدينته في الصعيد. تقابلا معا، واثني مجدي عبد العزيز عليه، قال له: إنني صحفي أدبي قديم، وأعرف قدر الكتاب من أول قراءة لهم، وأؤكد لك إنك ستكون أفضل من نجيب محفوظ في المستقبل وسترى.
تولى مجدي عبد العزيز أمر أحمد السباعي، وعرفه بالكثير من النقاد ليكتبوا عنه، وكان في كل مرة يؤكد له: إن حماد الغرباوي إصطدم بك وإختلف معك لأنك تكتب أفضل منه.
وجمع مجدي عبد العزيز المقالات الكثيرة المكتوبة عن أحمد السباعي ونشرها في كتاب لدى معارفه، خاصة المختلفين مع حماد الغرباوي. الكارثة أن هذا الإهتمام أصاب أحمد السباعي بحالة من فقدان الوزن، خاصة أن روايته فازت ووصلت للقائمة القصيرة في مسابقة عربية مشهورة، بفضل مساعي مجدي عبد العزيز. فإتصل أحمد السباعي بمذيع تليفزيوني مشهور وأخبره بإنه سيفوز بالجائزة، وقال له أيضا: صدقني كتاب الرواية إ، أنا وماركيز، وأنا الأول. أنا مبدع لا فضل للوسط الأدبي عليه، وإنما فضلي، على الوسط الأدبي، سابغ. فأنا حراكه إذا تحركت، وركوده إذا ركدت.
ويحكون في بلدته في الصعيد إنه رغم عدم فوزه بالجائزة العربية، يسير في حواري وشوارع وأزقة البلدة وهو منتفخ، ويصيح لكل من يقابله: أنا أحمد السباعي.
ينطق إسمه في تعظيم وإجلال، يقول لزملائه أدباء بلدته: أنا واحد من أفضل ثلاثة بيكتبوا سرد في الوطن العربي. أنا المختلف الفريد، درة الرواية، وذروة الحكاية، ومُراقص الكلمة.
وأعاد لزملائه الكتاب كتاباتهم، التي لم تطبع، قال في صراحة شديدة: نصيحة، لا تغامروا بطبعها، فهي رديئة للغاية. فكما تعلمون إنني رب السرد إذا قرأته، وإلهه إذا سطرته. ولولا تواضع، أصابتني به الآدمية، لفاخرت بقدر ما في روحي من ألوهية.
هو لا يكذب، أو يدعي عليهم، فكتاباتهم لا ترقى للمستوى العظيم الذي وصل إليه، فهو يرى إنه أفضل كاتب في العالم الآن، ماذا يفعل، لقد تغيرت رؤيته.
هناك من وقف مع أحمد السباعي وسانده من أهل بلدته، وقت إن كان غير معروف، ونصحوه بأن ينشر كتابا، وكان يقول عليهم أساتذة له، يراهم الآن أقل منه بكثير، ما يأخذونه عليه، هو عدم مراعاته لشعور أصدقائه القدامى، فقد أصيب بحالة صراحة مدمرة، حتى قال له رجل لم يسء إليه يوما: يا أخي، حتى لو كان ما تحسه نحونا حقيقي فإنسانيا لا يصح أن تقوله.

اظهر المزيد

allewaaelaraby

جريدة سياسية اجتماعية شاملة مستقلة تهتم بالشأن العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى