الغلاء والغلابه

بقلم : محمود حسن
أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة ، وتحولت الأزمة إلى كارثة لا تطاق ولا تحتمل ‘ وأمست شوطة الأسعار متوحشة ، تفترس النفوس قبل ” الفلوس ” وتعكر صفو الحال قبل المال ، وكأنها فيروس وضع في حضانة ملائمة ووسط خصب فما إستغرق وقتا إلا وأخذ ينمو ويتكاثر ويتوغل ويتغول ليلتهم الأخضر واليابس ، وتحولت أظفاره إلى مخالب لتشريح جميع شرائح الشعب حتى المقتدر منهم ‘
فأصبح الأمر مستفزا إلى حد بعيد ، وإنعكس ذلك على المزاج العام ‘ وباتت الناس في تجهم غريب ومخيف ، وظهر ذلك في صورة سكرة وتيبس في أطراف الرغبة في التحمل أو المقاومة او حتى طلب النجدة ‘ واستسلمت الجموع لليأس والإحباط في انتظار كارثة الانهيار التي لا تحمد عقباها ، والتي يصعب التكهن بالشكل الذي ستكون عليه ،
والموجع في الأمر أنه وجد فعلا من يبيت بدون عشاء ، ومن يلملم قوت اولاده من مخلفات المنازل ، ومنهم من يضطر إلى بيع جسده بعد ان إنتهى من بيع كل ما يمتلك ‘
من المعروف دائما في الأزمات أن نجد من هو مستفيد إعمالا للمقولة ” مصائب قوم عند قوم فوائد ” ولكن الغريب في أزمتنا هذه أنه لا يوجد مستفيد أو راض ، حتى التجار الذين يصرخون من إرتفاع سعر الطلبية عن تلك التي تسبقها بساعات ‘
لقد وصل التليف السرطاني أو ” السعراني ” إلى مواطن خطيرة فأصاب عصب الحياة من المواد الأساسية لحياة المواطن البسيط فأحدث هزة عنيفة في الكيان الإجتماعي ، وشوهت صورة الرجل وقوامته داخل منزله ، وكاد يفشل في حفاظه على إحترامه لنفسه او إحترام أسرته له .
فإلى متى ستظل هذه الحالة من الضباب وعدم وضوح الرؤية ، وإلى أي مصب يجري هذا التيار الجارف والمهلك ،
وإلى متي ستظل القيادات السياسية تقف مكتوفة الأيدي ولا يزال هناك الفاسد المستغل والمرتشي الأناني فاقد الضمير والإنسانية ‘
إلى متى ستظل الحكومة في ثباتها العظيم وكأنها أصيبت بما أصيب به الشعب من السكرة – ليس من الفقر والعوذ والحاجة اللذين أصابوا المواطن – وإنما سكرتهم لأسباب أخرى قد نجهلها لأنه ليس من المفترض أن تكون حكومتنا الرشيدة تفتقد حل الإنقاذ السريع و العملي ‘
وأكرر الحل العملي السريع ‘ وليس حلول التصريحات و” المنظرة ” .






