Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات
أخر الأخبار

مرابطون أم مستضعفون ؟

بقلم د. هشام رمضان – غزة

قادتني قدماي لصلاة الجمعة إلى خيمة صغيرة من القماش بين الخيام. كانت مكتظة بالنازحين المرهقين. وكان الخطيب أثناء خطبته يبتسم في وجوههم. ويقول لهم وهو يشير بإصبعه إليهم: أنتم المرابطون على هذه الأرض. الذين بشركم الرسول بالجنة…). كانت الخطبة عن الرباط وأجره في غزة.

أخذت أتأمل إلى حيث أشار إصبعه: كانت وجوها شاحبة. وعيونا جاحظة زائغة. وملابس مهترئة. وأفواها فارغة . بعضهم لا يزال يحمل في يده الطناجر والصحون الفارغة ينتظر التكية المجاورة للمصلى أن تفتح. ليتوسلها له ولأطفاله بأرز أبيض مطبوخ بالماء دون أن أي إضافة أخرى.

تساءلت في نفسي: هل هذا هو حال المرابط من الانكسار والذل والهوان. ألا تعني كلمة الرباط العزة والأنفة والقوة والكرامة؟ من الذي يزور المفاهيم الدينية ويضلل عقول الناس حتى يسترخصوا حياتهم في سبيل العبث واللاشيء.
ألسنا في حاجة لتصحيح الكثير قبل المواجهة..

يا جماعة. ليكون الأمر واضحا. نحن في غزة غير مرابطين. والذي يقول أننا مرابطون يكذب على الناس ليتاجر بدمائهم. نحن في غزة مستضعفون.
كنت قد كتبت سابقا رأيي في هذه المسألة. لمن يريد الاستزادة والمعرفة:

…….
سؤال من المهم أن يكون واضحا. لأن الإجابة عليه تترتب عليها نتائج مختلفة.

هل الغزيون في هذا الوقت الذي يعيشونه. مرابطون أم مستضعفون؟ أم هما معا؟.

أولا: يجب معرفة أن هذين المصطلحين مصطلحان شرعيان. ولا يجوز استخدامهما استخداما إنشائيا لأغراض أخرى. ولذلك يجب الإشارة إلى مفهومهما أولا.

ثانيا: الرباط ليس مفهوما عاما وفضفاضا كما يعتقد البعض. ولكن له شروط كما حددها العلماء. وهو يعني لزوم الثغور الواقعة بين بلاد المسلمين وبلاد أهل الكفر، أمّا الثغور فهي الأماكن التي يحذر فيها المسلمون من أعداء الإسلام، والمرابط هو الذي يبذل نفسه في الوقوف على هذه الأماكن، دفاعاً عن دينه وأهله ووطنه. قال ابن عطية أنّ أصل الرباط من ربط الخيل، وفي فتح الباري: الرباط هو ملازمة المكان الواقع بين المسلمين والكفار، من أجل القيام بحراسة المسلمين.

إذن الرباط يشترط فيه حماية ثغر بحمل سلاح ونحوه بغرض الدفاع. ومن ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (رِباطُ يَومٍ ولَيْلَةٍ خَيْرٌ مِن صِيامِ شَهْرٍ وقِيامِهِ).
وهذا يعني أن وجود إنسان في أرض أو مكان معين. لا يجعله مرابطا. إن لم يكن في حال يحمل به السلاح ويقف على الثغور. ولذلك وردت بعض الأسئلة والتفاصيل المهمة عن شروط المرابطة لتحصيل الثواب والأجر كما يفهم من الحديث؟.
قال المفسرون:
(فالأجر ينال إذا رابط يوما كاملا، أو ليلة كاملة. أما بخصوص نوم المرابط، أو انتقاله إلى موقع مجاور لحاجة ما، فالمعتاد أن يتناوب المرابطون في اليوم والليلة، فإذا تناوب المرابط مع غيره في النوم ونحوه بما لا يخل بالمقصود، فلا يبعد أن ينال الأجر المذكور إن شاء الله، لكن إن نام، أو انتقل وكان ذلك يخل بمقصود التأمين والحراسة، فلا يحصل على الأجر المذكور).
وحاصل كلام المفسرين أن الرباط يشترط فيه حمل السلاح والحراسة على الثغور والحدود. حتى يتحقق الأجر.

وهذا لا يمنع أن يكون الرباط في مكان أفضل من مكان آخر. كأن يكون الرباط في عسقلان. أفضل من الرباط في شمال إفريقيا مثلا. لقول الرسول صلى الله عليه وسلم. (خير الرباط رباط عسقلان). لكن مجرد وجود الشخص في عسقلان لا يؤهله ليكون مرابطا. ما لم يقم بسلاحه لحماية الثغور. وقد يكون شخص في المغرب العربي مرابطا يذود ضد الأعداء. بينما آخر في عسقلان لا يعتبر من المرابطين. لعدم توفر الشروط الصحيحة فيه.

  1. أما الاستضعاف فقد اختصر القرآن الكريم منه في الآية القرآنية: (وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب. يقتلون أبناءكم. ويستحيون نساءكم. وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم. الأعراف 141).
    وقد وصف القرآن في السورة نفسها من يصيبه ذلك بالاستضعاف: (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها. التي باركنا فيها. وتمت كلمة ربك الحسنى. على بني إسرائيل بما صبروا. ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه. وما كانوا يعرشون. الأعراف 137).

وكنا قد أشرنا في منشورات سابقة أن علامات الاستضعاف خمسة. مستشهدين بآيات من القران. وهي: كثرة القتل في المغلوب. الأسر والاعتقال. الجوس خلال الديار وتدميرها. استحياء النساء واعتقالهن وإذلالهن. وتمكن العدو من الرقاب. وجميعها متحققة وواقعة الآن في الغزيين.

ونخلص من هذه المناقشة السريعة:
أن نسبة عظمى من الغزيين الآن تزيد على ال98% منهم لا تنطبق عليهم شروط الرباط. لأنهم لا يستطيعون حمل السلا.ح. ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم. ولا يستطيعون الدفاع عن حدودهم وثغورهم وأرضهم. وقد استباحها العدو وقتل وأسر واستحيى النساء واعتقلهن وجردهن من ملابسهن. ودمر البيوت والشوارع. وتمكن من رقاب الغزيين. وقد أصبحت الحرب بأسلحة ثقيلة كالطائرات والدبابات والصواا.رىيخ وهم لا يملكون شيئا منها.

وعليه فإن إيهام الغزيين بأن بقاءهم في حالة الاستضعاف والإبادة التي يتعرضون لها هو من الرباط والصمود في بيوتهم لتحصيل أجر المرابط. بينما الواحد فيهم لا يستطيع حماية نفسه ولا بيته ولا زوجته ولا ابنته ولا أطفاله. فإن هذا نوع من التغرير والخداع الديني. الذي يبرر قتلهم وسحقهم.
وإن الوصف الدقيق الذي ينطبق على الغزيين الآن في هذه الحرب هو (الاستضعاف). الذي يحتاجون معه نجدة المسلمين والعر.ب لهم. وعدم التواني أو التأخر عن إنقاذهم.

ولا يجتمع الرباط مع الاستضعاف معا. لأن الرباط مضاد للاستضعاف. فالرباط فيه قوة وقدرة ودفاع. أما الاستضعاف ففيه تمكن للعدو. وإيغاله في دماء المسلمين ومحرماتهم.
ولا يجب أن يعتقد أحد خارج غزة. ممن يتلقون الأخبار المشوهة والمحرفة. أن الغزيين الآن مرابطون وقادرون على الدفاع عن أنفسهم. ويمكن أن يحققوا نصرا. بل هم مستضعفون مغلوبون يتحكم العدو في أرواحهم ودمائهم كيفما يشاء. ومن يقول لكم غير ذلك. فهو أفاك مستفيد من محرقتهم وسحقهم.

اظهر المزيد

allewaaelaraby

جريدة سياسية اجتماعية شاملة مستقلة تهتم بالشأن العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى