الفيضانات أمامنا والجفاف معنا!

يكتبها الكاتب الصحفي عبدالله عبدالسلام
لست خبيرا فى الأرصاد، وكنت إلى وقت قريب لا أهتم بقراءة الأخبار الخاصة بالطقس، لكن ما نشهده حاليا مثير للاهتمام بل للخوف، دخلنا على منتصف أكتوبر، وموجات الحر النهارية مستمرة. الطقس الشتوى، الذى كنا نتحسب له فى مثل هذه الأوقات، أضحى حلما مستبعدا. التغير المناخى لم يعد مجال نقاش نظرى بين من يؤكد حدوثه ومن ينفيه. الواقع جعل تلك النقاشات لا محل لها من الجدية.
الأخطر، كما يقول خبراء الأرصاد، أن ارتفاع درجة حرارة الأرض يبشر بظواهر مخيفة بدأت بعض مناطق العالم تتعرض لها بالفعل. مناطق لم يكن معروفا عنها معاناتها من فيضانات مميتة، مثل ليبيا تعرضت لها فى سبتمبر من العام الماضى. ستيفان أولينبروك الخبير بالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية يقول إن العالم عليه التعايش مع وقوع فيضانات قاتلة، وفى نفس الوقت، جفاف يأكل الزرع ويلتهم الحياة البشرية. درجات الحرارة المرتفعة تسبب الجفاف الشديد لكنها فى ذات الوقت ترفع درجة حرارة المحيطات، مما يتسبب فى الفيضانات.
ومع عدم القدرة على التعامل مع تلك الفيضانات، كما فى حالة ليبيا، تكون الخسائر البشرية والمادية فادحة. الأمر نفسه ينطبق على أجزاء كبيرة من الشرق الأوسط والقارة الإفريقية. إنه عالم جديد، كثير من الدول غير مستعدة للتعامل معه. ويزيد من الخطورة أنه أصبح من الصعب للغاية التنبؤ بحالة الطقس، كما يقول خبراء الأرصاد. كل ذلك يؤثر بشدة على توافر المياه الصالحة للشرب. هناك 3.6 مليار نسمة عبر العالم يعانون نقص المياه. هذا الرقم سيصل إلى 5 مليارات بحلول 2050. حاليا هناك 250 مليون شخص بالشرق الأوسط يفتقرون إلى مياه شرب مأمونة. الأردن أكثر دول المنطقة شحا فى المياه مع الكثافة السكانية العالية.
مسألة التغير المناخى لم تعد حديث رفاهية، كما يتصور كثيرون. إنها تضرب المستقبل بشدة، ومن الضرورى التعامل معها بجدية وبأسرع وقت ممكن. الدول الغنية لديها الإمكانات والوسائل لمواجهة التغيرات. يبقى الفقراء الذين يفتقرون للقدرات، وبعضهم يعتبر القضية من الخيال العلمى.






