

بقلم / وليد جنيدي
السادس من أكتوبر من كل عام عرس سنوي لم يتغيب حولاً عن موعده مع وجدان أراضينا ” مصر” ، وهو شؤم لم يتغيب أيضاً حولاً عن موعده مع الألم في مستوطنات الضباع ،
في هذا اليوم من كل عام لابد من جديد يروى للمرة الأولى، أقصوصة عن بطولة مستحيلة لقمحي البشرة نيلي الإبتسامة الذي أبهر البارود والفولاذ منفرداً ، ملحمة لكتيبة من فصائل خضعت لها الرمال وإنهار ساترها الشهير ،، نادرة عن مقاتل مصري قاد معجزة تم تضمينها لمناهج الدراسات في جامعات العلوم العسكرية ببلاد الناطحات، هو يوم تنبت في أولى ساعات صباحه وردة على أوتار بليغ لتفوح بعبارات : (وأنا على الربابة باغني) فيبعث بليغ من جديد ليفترش القلوب ، يوم إيقاع ساعاته خطوات عسكرية لخير جند الأرض يزلزلون القلوب فخراً ، يوم تحضر له جميع الفضائيات والصحف ويتبارز عباد الوطن على قربان للمحبوبة في صورة لحن … قصيدة … فيلم وثائقي .. حلقة ببرنامج ، أعمال تتغرد بالملحمة ليلاً ونهاراَ ، كل هذا شديد الروعة ، شديد الصدق والواقعية … مقبول .. مستوعب ..
“لكن” …
وأؤكد على : “لكن” ،،
طالما هاجمني سؤال لسنوات !! : ماذا نفعل باقي العام ؟ ماذا أعددنا ليوم معلوم ؟ .. للقاء القادم “لا محالة” ، إنهم هنالك على الحدود .. ضباع جبناء يمكنك إشتمام عرق شهوتهم للإفتراس .. سماع عواءهم الطامح ، تثيرهم رائحة دمائك حتى الشبق .. يقطر لعابهم فقط لدى إزدياد إنتشار رائحتك التي لم تغب عن أنوفهم يوماً ، لكنها تزداد تحفزاً وإشتياطاً بسعادتك ولو لحظة , بتقدمك ولو خطوة ، عاشوا حتى الآن ولازالوا مترقبين للسباع التي تنقض عليك بين حين وآخر حتى تجهز على أحشائك وتنهي طعامها ليأتي دورهم ، ،، سباع “الفكرة” والمحو (محو الهوية والوازع) ، سباع الفتنة والصراعات ، سباع الركود والكسل والضعف والإنغماس ، وقتها سيهجمون في سرعة ملاك موت لينهشوا بقاياك مع لعاب يقطر كفراً بكل الحقائق .. ليس جوعاً وإنما إنتقاماً ،، كرهاً ،، تشفياً .
يجدر بالعرب الإستفاقة للفتن فهي أولى وسائلهم وأقدمها ، وأحدثها ، إنها فكرتهم التي لم ولا ولن تنتهي ، “فرق تسد” هي أولى مواد دستورهم ، إن أرسلوا عيك أمراضاً يمكنك التشافي ،، أرسلوا فقراً يمكنك الصبر ،، ضغوطاً دولية يمكنك الصمود والتصدي والأمثلة كثيرة. لكن أبشع ما نعاني منه هو غرف الإنعاش (الغيبوبة) ، الفتنة هي الفقر الحقيقي وهي الذخيرة التي تفوق شراسة اليورانيوم . حتى المفاعلات ذاتها آلية عملها كي تولد إنفجاراً هي التحريض .. إختراعاتهم من جنس طباعهم ،، ثم إحباطك ،، ضخ اليأس في خلاياك ، وأنت عملاق وديع مخدر ، يستيقظ ليلتقم ما حوله من سموم ويغيب من جديد ، يستيقظ ليعمل مجبراً ويفكر مجبراً وينتج مجبراً فلا يكمل مابدأه فيموت مرات ومرات، ينتظر “يوم الإحتفال” لينسى ، يتجرع نشوة لحظية علها تساعده على الثبات لبعض الوقت ، لكنه لا يستعد “لإحتفال أكبر” ، عملاق نجحوا ، في إثقال خطواته ، في حقن الفتنة في شراينه وأوردته ، فمتى لهذا العملاق أن يفيق ؟.