السادس من أكتوبر.. مذكرات المقاتل أحمد جمال الدين

يكتبها الكاتب الصحفي عبدالله عبدالسلام

«إن مليون شاب من أبنائكم يحاربون وسيحاربون، وهم يستمدون صلابتهم وإصرارهم من صلابتكم ودعواتكم ومعونتكم لهم. تحرير الوطن يفوق كل اعتبار». هذه سطور من رسالة الملازم احتياط أحمد جمال الدين موسى لأسرته 3 أكتوبر 1973. فى 6 أكتوبر، قاد المقاتل الشاب فصيلته فى العبور صاعدين القوارب المطاطية التى أخذتهم للشاطئ الآخر للقناة، وشاركهم حمل أجزاء من مدفع مضاد للدبابات وصعدوا معا إلى أن بلغوا قمة الساتر الترابي.
يواصل المقاتل (الأستاذ الجامعى والأديب والوزير فيما بعد) رصد لحظات وليس فقط ساعات أو يوميات الحرب المجيدة، فى أحدث مؤلفاته: مشاهد تنبض فى ذاكرة مثقوبة (سيرة ذاتية). ليس من سمع كمن رأى، وليس كمن شارك، ومفكرنا القدير ذاكرته ليست مثقوبة، بل مفعمة بالحيوية والصدق والتفاصيل الثرية. يقول: «بعد العصر، دفع العدو تجاهنا سرية من دباباته كمقدمة لهجوم شامل، لكننا بفضل موقعنا المسيطر كشفنا تحركها مبكرا، فتصدت لها المدافع المضادة للدبابات وقواذف المالوتكا التى دمرت وأعطبت بعضها، فتراجعت بقيتها. فى ذلك اليوم خسرت فصيلتى شهيدين وثلاثة مصابين». «فى واحدة من مرات القصف، سقطت دانة وانفجرت عند حافة حفرتى البرميلية، ففقدت السمع مؤقتا وكسا وجهى غبار البارود. سنتيمترات معدودة أبقتنى على قيد الحياة».
بعد وقف إطلاق النار فى 22 أكتوبر، هدأت الأمور إلى حد كبير. بدأت الرسائل تصل إليه من ذويه وأقاربه. بعث إليه بلدياته الأديب أبوالمعاطى أبوالنجا قائلا: «أرجو أن تكونوا أعظم منا فى الفكر، كما كنتم أعظم منا فى العمل. لى رجاء شخصى جدا وحار جدا أرجو أن تحققه، وأثق فى قدرتك عليه! لا تمت.. حارب بكل شجاعة كما تحب لكن عُد إلينا سليما». عندى، كما المصريين جميعا، انحياز وحب وتقدير جارف لهذا الجيل الذى صنع النصر، واستعاد الكرامة وضحى بكل شيء دون انتظار جزاء أو شكورا. إنهم أفضل من فينا.. شجاعة وعزيمة وإخلاصا. المستشار عمر عم المقاتل أحمد جمال الدين بعث له قائلا: «قلوبنا موصولة بقلوبكم، وأرواحنا تطوف حول قواعدكم».
« يتبع»






