Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

كامالا هاريس ومثيلاتها فى الحكم

بقلم :: أمينة شفيق

كم من مرات وصلت نساء سياسيات إلى سدة الحكم وخرجن منه دون إجراء تغيير جوهري أو نصف جوهري على حياة نسائهن العاملات أو ربات البيوت أو على أي شريحة أخرى من بنات جنسهن. ذلك بالرغم من حصولهن على أصوات النساء خاصة الريفيات للوصول الى سدة الحكم. نأخذ أمثلة على ما نقوله. مثلا الزعيمتين البنجلادشيتين «حسينة وخالدة» اللتين حكمتا هذا البلد الفقير عدة مرات ونتساءل ماذا قدمت كل منهما من تغييرات في الأوضاع الاجتماعية تذكر لمصلحة المرأة الفقيرة أو حتى الغنية في بلديهما بالرغم من كثرة الحوادث الناتجة من سوء ظروف العمل التي تعمل فيه العاملات وبالرغم من كم التحذيرات التي سمعنا أو قرأناها والسابقة لوقوع الحوادث التي أدت إلى وفاة مئات العاملات نتيجة سوء بيئة التشغيل والتكدس الشديد بأماكن العمل على الرغم من ارتفاع الأصوات التي استمرت تنادي بالإصلاح. كل الذي نتذكره هو ذلك الصراع النسائي الركيك شبه القبلي الذي استمر دائرا بين الاثنتين للوصول إلى السلطة.

وحتي أنديرا غاندي السياسية المرموقة التي ادخلت تغييرات جيدة كثيرة على الشئون العامة في بلدها، حتى هذه السياسية العريقة تركت الحكم دون أن تذكرها نساء الهند بأي مكسب حقيقي لحقوق المرأة. ثم بنظير على بوتو في باكستان وباندرنيكا في جزيرة سيلان. كل هؤلاء الزعيمات انتخبن وحكمن ثم تركن الحكم وتركن المرأة في بلادهن تماما كما كانت قبل مجيئهن إلى سدة الحكم.

جئنا بهذه الأمثلة من الشرق، أما من الغرب فتتكرر القصة بكل تفاصيلها. وأبسط النماذج عندنا هي السيدة مارجريت تاتشر التي دشنت مرحلة العولمة مع زميلها رولاند ريجان في الولايات المتحدة الأمريكية. أحدثت هذه السيدة انقلابا اقتصاديا في بريطانيا العظمى دون أن تعبأ بحقوق المرأة العاملة البريطانية الاقتصادية. ثم جاءت هيلاري كلينتون كمرشحة للرئاسة الأمريكية وتحدثت في كل الشئون الداخلية في الولايات المتحدة إلا شئون المرأة وتتبعها الآن كامالا هاريس التي ننتظر موقفها النهائي. ولا أتصور أن يكون مختلفا عن كل السوابق. بالرغم من ان المرأة الملونة في كل الولايات الأمريكية تعاني مشكلات عديدة تتعلق بعدم المساواة في الأجر أو الترقية أو أنواع العمل.

لماذا تتباعد السياسيات عن قضايا المرأة فى أثناء الترشح وبعد وصولهن للسلطة؟ لقد ناقشنا هذه المشكلة عدة مرات في مؤتمرات نقابية ووصلنا الى نتيجة مهمة وهي أن القضية لا تتعلق بالمرأة وإنما هي قضية اجتماعية من الدرجة الأولى. لم يعترف بها المجتمع بعد أو يحتضنها بما يساعده فى التطور. فالحركات النسوية في كل المجتمعات سواء كانت متقدمة أو من العالم الثالث لم تحتضن بعد قضية المرأة كقضية اجتماعية عامة تهم الرجال والنساء معا. فالمجتمعات لا تزال تنظر إلى قضية المرأة كقضية نوعية تخص النساء وحدهن ولم ترق بعد إلى أن تكون قضية عامة لها تأثيرها المباشر على الأوضاع العامة للمجتمع. فالرجال في المجتمع ينظرون إلى المرأة كعدد مستهلك وليس كقيمة مضافة إلى المجتمع. وإذا تعلمت وعملت استطاع المجتمع التقدم خطوات إلى الأمام، وأما إذا أُبقيت في المنزل كوعاء للإنجاب فسوف يخسر المجتمع القيمة المضافة التي تضاعف من إنتاجيته. وهي قضية عامة لا تخص النساء وحدهن ولكن تخص المجتمع ككل وحتى في يومنا هذا نجدها تتكرر في المقالات أو في المحاضرات العامة ولكنها لم تتحول بعد إلى حركة فكرية ونضالية تخص كل المجتمع نساء ورجالا. وهنا أنا لا أتكلم عن وطني أو أي بلد آخر زرته والتقيت بنسائه الناشطات اجتماعيا بل أتكلم عن كل الحركات الاجتماعية والسياسية التي نقابلها حولنا. سواء كانت في الشمال أو في الجنوب في الغرب أو في الشرق. أتحدث عن قضية كونية تجمعنا جميعا وصدرت بها أوراق جادة ومهمة من الأمم المتحدة ومن وكالاتها المتخصصة. ولم تترك هذه الأوراق قضية تخص المرأة إلا تناولتها ولكنها في النهاية لم تترك آثارا تتساوى مع حجم ما كُتب ونُوقش.

ولا يمكن إنكار ان أوراق الأمم المتحدة خلقت جانبا من الوعي العام بقضية المرأة ولكنه لا يزال جانباً فوقياً تستفيد منه شرائح من المتعلمات والمتيسرات. ولكنها تستمر بعيدة عن التأثير في القواعد النسائية الكبيرة العدد والتي تستطيع إجراء تغيير حقيقى في حياة النساء وفي المسار الاقتصادي والاجتماعي للأوطان عندما تتحول جموع النساء إلى قيمة مضافة حقيقية لمجتمعاتهن.

وهنا لا ألوم النساء وحدهن وإنما أقدم عتابي للسياسات المجتمعية عامة التي لا تزال تنظر لقضية المرأة كقضية خاصة تهم المرأة أو كقضية يتبناها المجتمع بما حققه شكلا بها. متناسيا أنها تخص الإنسانية بمضمونها الكلي من المساواة والتكافؤ واللا عنصرية ومناهضة العنف والتعليم المتساوي والأجر المتساوي، أي كل هذه القيم الإنسانية التي كتبها الرجال والنساء معا ولكن في التطبيق نلاحظ أنها تسقط من الجميع. نعم تسقط من الجميع حتى من النساء اللاتي يحققن مكاسب سياسية. وقد يعد ذلك في المقام الأول لأن المجتمع كله لم يستوعب حقيقة أن المرأة يمكن أن تكون قيمة مضافة لمجتمعها تضيف إلى ناتجه القومي وفي نفس الوقت تعرف أن الحياة في بلدها تحتاج منها إلى الانخراط في مشكلاتها لحل العديد من القضايا الاجتماعية كالأمية وكثرة الإنجاب وزيادة الإنتاج. نحن لا نريد حلا عدديا لمشاكل المرأة وإنما نريد ان يتعامل معها المجتمع كمواطنة… نعم كمواطنة. وليكن ذلك سباقا بين مصر وقبل كل بلدان العالم لنخرج منه منتصرين ليس بالعدد الأكبر من النساء في المناصب وإنما لأننا لدينا مواطنات ومواطنون بلا تفرقة بينهما.

اظهر المزيد

allewaaelaraby

جريدة سياسية اجتماعية شاملة مستقلة تهتم بالشأن العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى