Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

سد الخراب

السفير محمد مرسي يكتب

كتبت سابقاً عن وصول قواتنا للصومال. طالبت بالهدوء والاستعانة علي قضاء حوائجنا بالكتمان وعن أملي في تواجد مصر بالمنطقة بكل أشكاله .

لم يمض يومان حتي علمت إثيوبيا بالأمر وسارعت بالرد في بيان رسمي هاجمتنا وتوعدتنا فيه.
مع تسريب معلومات عن إرسالها قوات علي جانب حدودها مع الصومال ، وكذا تسريب معلومات عن إغلاق الفتحات التي أعلنت منذ بصعة أيام عن فتحها في سد النهضة لتدفق المياه لمصر والسودان .

وكما قال شاعرنا الراحل علي محمود طه ” أخي جاوز الظالمون المدي ” ..

فقد تجاوزت إثيوبيا كل الحدود واستغلت ظروف مصر وصبرها أسوأ استغلال .
فماطلت وتعنتت في التفاوض. وأقامت السد وبدأت مراحل ملئ بحيرته حتي المرحلة الخامسة دون أدني تنسيق أو تشاور مع مصر.
وبالتالي فلم يكن أمام مصر سوي وقف التفاوض.

ثم واصلت إثيوبيا محاولاتها للسيطرة علي دول القرن والشرق الإفريقيين وهي مجال مصر الإستراتيجي . وبدأت في إقامة قاعدة عسكرية في إقليم صومالي لاند الذي هو جزء من الصومال . حتي تجد لنفسها منفذاً بحرياً باعتبارها دولة حبيسة ، وحتي تتحكم في مداخل باب المندب الذي هو من أهم محاور ومجالات الأمن القومي المصري .

وبالتالي فلم يعد أمام مصر سوي التحرك للدفاع عن مصالحنا هناك والتي تلتقي كذلك مع الأمن القومي العربي ومع اتفاقيات الدفاع العربي المشترك التي وقعتها مصر والصومال في إطار جامعة الدول العربية .
وكذا مع الإتفاقية الثنائية التي وقعتها مصر والصومال خلال زيارة الرئيس الصومالي لمصر منذ ثلاثة أسابيع .

دخلنا الآن مرحلة جديدة في مسيرة العلاقات المصرية الإثيوبية الإفريقية لها توازناتها واعتباراتها وأدواتها .
فهناك أطراف إقليمية ودولية فاعلة في هذه المنطقة لها مصالحها الخاصة .
وهناك العلاقات المصرية الإفريقية وخاصة مع دول حوض النيل وتوازناتها وبما في ذلك دور إثيوبيا المؤثر في هذا الدول .

وهذه أمور أحسب أن القيادة السياسية في مصر تدركها جيداً خاصة بعد أن استنفذت إثيوبيا كل رصيد الصبر المصري .

وكان لزاماً أن تنظر مصر في أدوات وآليات أخري للدفاع عن حقوقها ومصالحها وعن الأمن القومي العربي وعلي رأسه احترام مصر لمبدأها الثابت في التمسك بوحدة واستقلال الدول العربية ورفض محاولات تقسيمها وزعزعة استقرارها .

أي أننا الآن بصدد مرحلة جديدة تتضمن إرسال قوات مصرية لدعم الأشقاء في الصومال .
وهذا قرار استراتيحي له تداعيات كثيرة وليس مجرد نزهة للقوات أو مجرد رسالة تحذير شكلية عابرة .

الأمر الذي يستدعي ضرورة أن يكون إعلامنا وخبراؤنا الاستراتيجيين علي قدر المسئولية وإدراك حجم وحساسية المرحلة القادمة وخطورة تأثير الكلمة .
وطبعاً الأفضل أن ينقَّطونا بسكاتهم .

لا أعتقد أن المجال يتسع الآن لإعادة تكرار ما كنا نقوله خلال أزمة مرحلة بناء السد .. فلهذا القول مكان وزمان آخر ليس هذا وقته الآن.

ما هو وقته الآن هو دعم التحرك المصري الأخير حتي وإن جاء متأخراً .. وحتي وأن لم يكن كافياً .. وحتي وإن جاء بشكل ومضمون يختلف عليه بعضنا .. فقد تحمل الأيام القادمة الكثير من التطورات .. ولابد أن تدرك إثيوبيا أن للصبر حدود ، وأن عدم اتخاذنا موقفاً حاسماً إزاء غطرستها ليس هو موقف مصر النهائي .

اظهر المزيد

allewaaelaraby

جريدة سياسية اجتماعية شاملة مستقلة تهتم بالشأن العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى