الإعلام حين يُعاد اكتشاف صوته

بقلم: النائبة/ إيفا فارس
لم يكن قرار رئيس الوزراء بتشكيل لجنة لتطوير الإعلام المصري مجرد خطوة تنظيمية أو استجابة لحاجة مهنية،
بل هو محاولة لاستعادة الوعي الجمعي الذي شكل ملامح مصر في عصورها المضيئة.
فالإعلام — في جوهره — ليس مؤسسة، بل كائن حي
يتنفس من صدق الكلمة، ويحيا من حرارة الحقيقة.
الإعلام المصري كان يوما ضمير الأمة وصوتها،
ينقل نبض الشارع ويصوغ وجدان الناس،
يسائل السلطة دون خصومة، ويدافع عن المواطن دون ضجيج.
كان مدرسة في العمق والاتزان،
لا يكتفي بنقل الحدث، بل يفكك معناه ويعيد بناءه في سياق وطني وإنساني.
واليوم، ونحن نعيد تشكيل لجنة لتطويره،
نحتاج أن ندرك أن التطوير لا يقاس بعدد الشاشات أو حجم التمويل،
بل يقاس بمدى قدرة الكلمة على استعادة ثقة الناس.
فالإعلام الحقيقي لا يدار فقط من مكاتب مغلقة أو قرارات رسمية،
بل يبنى من إيمان عميق بأن الحقيقة حق للجميع،
وأن الكلمة إذا صدقت، أصبحت وطن صغير يحتمي به الناس.
تطوير الإعلام ليس تحديثا للأدوات،
بل تحرير للضمير المهني، وتغذية للعقل الجمعي بالمعرفة،
وتذكير بأن الصحافة والإذاعة والتلفزيون ليست وسائل ترفيه،
بل قوى تشكيل الوعي ومسؤولية حضارية.
حين يعاد اكتشاف صوت الإعلام المصري،
فإننا لا نعيد بناء مهنة، بل نعيد بناء ذاكرة وطن.
نحتاج إلى إعلام يوازن بين حرية التعبير ومسؤولية الكلمة،
بين النقد البناء والانتماء الصادق،
بين الحداثة التقنية والهوية الثقافية التي ميزت مصر عبر التاريخ.
إن اللجنة الجديدة — إن اتسعت رؤيتها —
يمكن أن تكون نواة لعصر إعلامي جديد،
تستعيد فيه مصر دورها الريادي كمنارة للكلمة الحرة والفكر المستنير.
ففي زمن تتسارع فيه المعلومات وتضيع فيه الحقائق بين الضجيج،
يبقى الإعلام الواعي هو مرساة الحقيقة في بحر مضطرب