أحدث الأخبارمقالات

المكتوب والقسمة والنصيب والقدر

بقلم محمود حسن

كثير من الناس يسيئ إستخدام هذه المفردات ، وربما تصل هذه الإساءة إلى حد التعدي على الذات الإلهية ،
فتجد من يفشل في زواجه أو يعاني من زوجه أو يتعرض لظلم ، فيلقي بهذه المعاناة على كتف النصيب والمكتوب ، وكذلك من يفشل في عمله أو أي أمر يتعلق بحياته فيقول ” قسمتي كدا “
وهذا خطأ فادح ، يصل إلى درجة إتهام المولى عز وجل بالظلم ، وحاشا وكلا لأن الله سبحانه حرم الظلم على نفسه فقال تعالى ” وما ربك بظلام للعبيد ” وقال ” ولا يظلم ربك أحدا ” وقال ” وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون “
فالظلم من صفات البشر ، والإنسان قد يظلم غيره وقد يظلم نفسه “
إذن ما هو النصيب وما هو المكتوب ؟
الإنسان مخلوق مخير تماما في كافة أموره الحياتية ،
ومسير في أموره الكونية كالنوع والعمر والأبوين والرزق بأنواعه وزمان ومكان الوفاة ،
وما عدا ذلك فهو من إختيار الإنسان لنفسه ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، لذا قال تعالى ” ما أصابك من سوء فمن نفسك “
فالزوجة من إختيارك ، والإيمان والكفر من إختيارك ، والطاعة والمعصية من إختيارك ،
والشاهد على ذلك الآيات التالية ” من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ” ، ” إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا “
” من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعلها “

أما عن المكتوب ، فكل ما تفعله بالفعل مكتوب ولكن ليس مفروض ، فليس من المعقول أن يفرض عليك الله عز وجل أمرا ثم يحاسبك عليه ،
بمعني أن الله عز وجل بعلمه القديم وهو عين اليقين يعلم تمام العلم أنك بمحض إرادتك الحرة تماما سوف تقوم بفعل كذا وكذا منذ ولادتك وحتى مماتك ، لذا فقد كتبه لك ولم يكتبه عليك ،
ونضرب في ذلك مثلا ولله المثل الأعلى ، فأنت احيانا تعرف ما سوف يفعله إبنك في امر ما نظرا لعلمك بطبيعة شخصيته ، وكذلك المدرس ربما يتنبأ بنتيجة تلاميذه نظرا لعلمه بمستوى كل منهم منذ سنوات ،
فما بالكم بعالم الغيب والشهادة ، الذي يعلم السر وأخفى ؟
فإن علمه بالمستقبل يقيني وليس إحتمالي ، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ،
والآية الكريمة التي يقول فيها عز وجل ” قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ” تؤكد المعنى وتقويه بأن ما كتبه الله مسبقا هو ما سوف تفعله حرفيا ، وهنا يقول سبحانه ” ما كتب لنا ” ولم يقل ما كتبه علينا ،

إذن فالزوجة التي تعاني في حياتها الزوجية فإن ذلك بسبب سوء إختيارها أو سوء إختيار أهلها لها ، فهي تجني ثمار خطأها أو خطأ أهلها في حقها ،
إذن لا يجب مطلقا ذكر كلمة نصيب أو مكتوب فيما يتعلق بإختيارتنا ،

أما عن القضاء والقدر ، فهو من عند الله ، وله فيه حكمة بالغة ، وربما يكون فيه خيرا كثيرا حتى لو كان ظاهره شر ، وعلل ذلك عز وجل بقوله تعالى ” عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم “
وبعض الأقدار إبتلاء وإختبار ليجزي الله الصابرين أحسن ما عملوا ، وبعضها عقاب في الدنيا على بعض الذنوب وهو أهون بكثير من عقاب الآخرة ، وبعض الاقدار حماية من خطر أكبر ، وبعض الأقدار يرفعها الله بالدعاء والعمل الصالح ،
فلعلنا نتدبر ونتعلم ألا نتعدى على الذات العليا ، فنحمل وزرا عظيما ونحن لا ندري ، فمن الناس من يسب الله عدوا بغير علم . تعالى الله عما يصفون ،
ومن يرد الله به خيرا يفقه في الدين .

اظهر المزيد

allewaaelaraby

جريدة سياسية اجتماعية شاملة مستقلة تهتم بالشأن العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى