التمييز بين اللحوم

كتب الأستاذ الدكتور / على بحبو
تعتبر اللحوم الحمراء من الأطعمة الشهية التي يعشقها كثير من الناس، ولا تكاد تخلو المائدة منه أو من مشتقاته، ولكنها سلاح ذو حدين؛ حيث تحتوي على مواد وعناصر مفيدة وضرورية لجسم الإنسان وتكوين الدم وبناء الأنسجة، وأيضا تمثل خطورة شديدة على الصحة في كثير من الأحيان، خصوصا عند الإفراط في تناولها، وتتعدد الأشكال التي يتم تناول اللحوم الحمراء فيها، حيث تدخل في كثير من الأكلات والأطباق الشهية، وتعتبر طبقا رئيسيا في المواسم والمناسبات والأعياد وخاصة في عيد الأضحى، وتعرف اللحوم بأنها النسيج العضلي ذو اللون الأحمر للحيوانات، ويتوافر في الأبقار والجاموس والأغنام والجمال والماعز، وهذا النوع من اللحوم يحتوي على الكثير من الفيتامينات والبروتينات والأملاح المعدنية والأحماض الأمينية والدهنية، وغير ذلك من المواد الغذائية الهامة … وللتمييز بين أنواع اللحوم المختلفة؛ فبالنسبة للحم البقر، يكون اللحم متداخل مع الدهن، والدهن الخارجي يكون متماسكا وأبيض اللون مائل للاصفرار، واللحم لونه وردى لا يلمع كثيرا، ويجب تجنب اللحم المخضر المائل إلى الرمادي وكذلك اللحم الرطب والمبلل والذى يكون لزجا عند لمسه، واللحم البقري الكبير يكون لونه أحمر داكن وملمسه خشن وقوامه صلب ودهنه أصفر فاتح أو داكن، واللحم الجاموسي يكون لونه أحمر غامق بعد الذبح مباشرة، والدهن لونه أبيض لامع، أما اللون الأصفر الليموني فيدل على حالة مرضية، واللحوم كبيرة السن يكون لونها داكن وخشنة الملمس ويظهر فيها الألياف العضلية بالعين المجردة، أما لحم البتلو التي يتراوح عمرها بين 4 و14 أسبوعا فتتميز بلونها الوردي (أحمر فاتح) قليل أو معدوم الدهن، وهذا يجعله متوسط الليونة، كما ترتفع به نسبة الماء والنسيج الضام اللين، لذا ينقص وزنه بالطهي أكثر من الكندوز، ولكنه يعطي عند سلقه مرقا جيدا فاتح اللون، ويتحول النسيج الضام بالطهي إلى جيلاتين، فيعطي القوام الهلامي الجيد للمرق، وإذا زاد عمرها عن العام تفقد مميزات اللحم البتلو الجيد وتغلظ أليافها، وفي نفس الوقت لا تصل إلى جودة اللحم الكندوز (العجل البالغ)، أما لحم الغنم، فيكون اللحم متماسكا مع أنسجة رفيعة ويكون فيه تداخل بسيط مع الدهن الأبيض، ويجب أن يكون الدهن متماسكا وشمعيا وأبيض اللون، ويميل لحم الماعز والغنم إلى التصاق الشعر به، واللحم لونه وردى، ويجب تجنب اللحم الداكن والرطب والطري؛ أما لحم الضأن؛ ومنه نوعان، لحم الحمل الصغير، ويذبح عادة بين الأسبوع العاشر والثاني عشر من عمره، ويتميز لحمه بلون أحمر فاتح ودهن قليل أبيض، وعظامه رقيقة سهلة الكسر محمرة اللون، أما الأكبر سنًا عن ذلك فيسمى ضأن، ويذبح من الشهر الثاني عشر إلى السنتين من عمره، أما اللحم الجملي فيتميز باحتوائه على نسب قليلة من الدهون، وهو يستهلك بكميات كبيرة في الأحياء الشعبية وفي الأرياف بصفة خاصة … وعن مواصفات اللحوم الفاسدة فتكون؛ اللون يتحول الاحمر الفاتح لرمادي أو أصفر أو أخضر، والرائحة غير مقبولة نتيجة تكون المواد الغازية، والقوام مخاطي يسهل قطع الألياف العضلية بأظافر اليد، والملمس مخاطي هلاميي، الأختام غير واضحة على الذبائح، وملمس الدهن يكون غير متماسك وبه رائحة تزنخ، وعند الضغط على اللحم بالإصبع يترك أثرا غائرا، ويمكن معرفة اللحم الميت من خلال قطع جزء بسيط ووضعه في كمية من المياه، فإذا تلوثت المياه بالدم كان اللحم لحيوان ميت … ولمعرفة أنواع اللحوم الغير مصرح بها مثل لحوم الحمير والكلاب؛ فيمكن التعرف على لحوم الحمير من خلال رائحتها، حيث تكون رائحتها سيئة تشبه رائحة الإسطبل وأليافه واضحة بارزة ودهنه قليل، ويختلف عن الدهن العادي حيث يميل لونه إلى اللون النحاسي ويكون مدهنن، كما أن طبيعة عظم الحمار مميزة عن البقر، لذا فإنه غالبا يتم بيع لحم الحمار دون عظام، كما أن لون لحم الحمير أحمر غامق يميل إلى الزرقة، ويعطى الإحساس بأن الدم مخزن بداخلها، وبعد الطهى تظل رائحة الإسطبل ظاهرة فيها، وعند طهى لحم الحمير بعد الغليان تظهر على سطح الشوربة بقع صفراء زيتية ويكون ملمس اللحم المسلوق خشن وطعمه مسكر لاحتوائها على نسبة عالية من مادة الجليكوجين، وهى أساس التعرف على هذه النوعية من اللحوم، وهناك عدة طرق معملية يمكن من خلالها معرفة لحوم الحمير؛ فعند قطع شريحة صغيرة من اللحم بسكينة دافئة فإذا تغيرت الرائحة إلى الأسوأ وكانت مختلفة عن الرائحة المعتادة فإنها تكون لحوم حمير، وعند طهى قطعة لحم وإضافة حمض الكبريتيك تظهر رائحة منفرة تشبه رائحة إسطبلات الخيول، نتيجة للأحماض الدهنية المتطايرة، وهناك اختبار Ehrlich test يجرى بإضافة الفورمالين إلى قطعة اللحم، بعد 48 ساعة تظهر رائحة مميزة مثل رائحة الأوز المشوي، وهذا مميز فقط للحوم الفصيلة الخيلية، أما لحم الكلاب فيكون لونه أحمر داكن وقوامه صلب وسطحه لزج ورائحته كريهة وخيوطه دقيقة ولا يخالطه إلا القليل من الدهن بين العضلات وتحت الجلد، ولون الدهن أبيض أو مائل للصفار وقوامه شحمي زيتي، وعند غلي لحم الكلاب بالماء يزداد احمرارا، ولكن يظل اللون الأحمر هو المميز لها، والطعم في الكلاب إلى حد ما قد يظهر مسكر بنسبة أقل من الحمير، كما أن ضلوع الماعز والخراف عريضة، لكن الكلاب والقطط رفيعة ومدببة، بالإضافة إلى ترتيب العظم مع الدهون واللحم، ففي الماشية يكون العظم ثم اللحم وأخيرا الدهون، لكن الكلاب وفصيلة المفترسات العكس تماما، حيث يكون العظم ثم الدهون وأخيرا اللحوم، ويلاحظ أن الأسنان في الكلاب تكون في الفكين العلوى والسفلى، أما الغنم والماعز في العلوى فقط، كما أن عدد ضلوع القفص الصدري في اللحوم التي يتم تناولها حوالى 14، أما الكلاب من 12 إلى 13 ضلعا فقط … وتعد الرائحة واللون وترتيب الدهون من أبرز العلامات التي يعتمد عليها في تحديد نوعية اللحوم، وإن كانت الرائحة ليست دائما عملية سهلة في التفرقة، لأن من يغش قد ينقع اللحوم لفترات طويلة في مواد لتغيير أو تقليل الرائحة … ويمكن معرفة نوع اللحوم وعمرها من أختام المجازر الحكومية عليها، حيث تأخذ الذبائح الصغيرة (بقر، جاموس، إبل، غنم) شكل دائري ولون أحمر، وتأخذ الذبائح الكبيرة والماعز بأي سن شكل مربع، وتأخذ ذبائح الخنزير شكل بيضاوي أزرق، أما اللحوم المستوردة فتأخذ شكل سداسي بنفسجي اللون، وتأخذ لحوم العوارض (وهي ذبائح سليمة بها بعض العيوب مثل كسر أو بطء نمو) الشكل الثماني وتباع لحوم درجه ثانية، أما لحوم الفصيلة الخيلية (الحمير والخيل) ولحوم الكلاب فغير مصرح بذبحها، لذلك تهرب مذبوحة وتدخل في اللحوم المصنعة مثل الهمبرجر والكباب والكفتة … وتختلف الأختام من دولة لأخرى، ففي مصر يوضح بها بعض الرموز لتوضيح نوع الذبيحة بكتابة أول حرفين، فاللحم بقري (بق)، والجاموسي (جا)، والجملي (جم)، والضأني (ضا)، كما يدون محافظة الذبح بوضع أول وآخر حرف؛ فالقاهرة (قه)، سوهاج (سج)، وهكذا، كما يدون اسم المجزر، ويجب ترك الأختام لكي تجف ثم توضع في التبريد لحين تحميلها حتى لا تطمس معالمها، لذلك يجب عدم التعامل مع أية لحوم غير مختومة أو ختمها مطموس.
ومجمل القول أنه يجب عند شراء اللحوم الحمراء أن تكون من جزار موثوق به، وأن تكون اللحوم وردية اللون ولون الدهن أبيض ناصع في الجاموس والضأن ومائل للاصفرار في البقري، وأن تكون الأختام واضحة ومميزة لكل نوع، والقوام متماسك لا يسهل قطعه بأظافر اليد، والملمس لا يوجد به مواد مخاطية أو هلامية، كما يجب الحذر الشديد من التعامل مع محلات الأغذية المشبوهة وسيارات الباعة الجائلين ومحلات الوجبات السريعة، وقد نوهت في مقال سابق على تجنب المأكولات السريعة لكثرة أضرارها الصحية بجانب الغش بلحوم غير صالحة آدميا.