رمضان والإلهام من التاريخ: كيف قاد أحمد بن طولون مصر إلى المجد؟*
بقلم: م. هبة هندى
مدربة توازن نفسي ورحلات روحانية وتطوير الذات
يُعد شهر رمضان فرصة ذهبية لمراجعة الذات، وضع الخطط، واستلهام الدروس من التاريخ لصناعة مستقبل أكثر إشراقًا. في هذا الشهر، حيث يجتمع الصبر مع الإيمان، والعبادة مع العمل، يمكننا أن نستفيد من قصص العظماء الذين صنعوا أمجادهم رغم التحديات. ومن بين هؤلاء القادة التاريخيين الذين يستحقون التأمل في سيرتهم، نجد أحمد بن طولون، الرجل الذي أسس دولة قوية في مصر وترك بصمة خالدة في التاريخ.
من هو أحمد بن طولون؟
وُلد أحمد بن طولون عام 835م، وكان والده من أصل تركي، أُرسل إلى مصر ليكون واليًا عليها من قِبل الخليفة العباسي. ومع ذلك، لم يكن أحمد مجرد حاكم بالوراثة، بل كان شخصية استثنائية امتلك رؤية واضحة وإرادة قوية، مما مكنه من تأسيس الدولة الطولونية التي استمرت قرابة 37 عامًا، واستطاعت تحقيق الاستقلال عن الخلافة العباسية.
كان أحمد بن طولون قائداً سياسيًا وعسكريًا بارعًا، لكنه لم يقتصر على الحروب والتوسع، بل اهتم بالإدارة، والاقتصاد، والتخطيط الحضري، وقدم نموذجًا فريدًا في الحكم، مما يجعله قدوة لأي شخص يسعى للنجاح في حياته الشخصية أو العملية.
دروس مستفادة من أحمد بن طولون في رمضان
- الرؤية والتخطيط: كيف تصنع مستقبلك؟
من أبرز أسباب نجاح أحمد بن طولون أنه لم يكن يتحرك بدون رؤية واضحة، فقد أدرك أهمية التخطيط لبناء دولة قوية ومستقلة عن الحكم العباسي. وضع نظامًا إداريًا متقدمًا، واهتم بتطوير الزراعة والاقتصاد، مما ساعده على تحقيق الاستقرار الداخلي.
🔹 الدرس المستفاد: في رمضان، يمكننا تطبيق هذا الدرس على حياتنا الشخصية. كيف نضع رؤية لأنفسنا؟ كيف نحدد أهدافنا لهذا الشهر المبارك، سواء كانت روحية أو مهنية أو اجتماعية؟ - الإرادة والعمل الجاد: لا مكان للاستسلام
لم يكن طريق أحمد بن طولون مفروشًا بالورود، فقد واجه معارضة داخلية وخارجية، لكنه لم يتراجع أمام التحديات. كان يعمل بجدٍ، ولم يتردد في اتخاذ قرارات حاسمة لبناء دولته.
🔹 الدرس المستفاد: في رمضان، نشعر أحيانًا بالتعب أو نفقد الحماس لتحقيق أهدافنا، سواء في العبادات أو الحياة العامة. لكن النجاح يتطلب الاستمرارية والعمل الجاد، تمامًا كما فعل أحمد بن طولون. - خدمة المجتمع: أثر الخير لا يُنسى
كان أحمد بن طولون من الحكام القلائل الذين اهتموا بتحسين حياة الناس. أنشأ مستشفى “مارستان ابن طولون” لعلاج الفقراء بالمجان، وطور شبكات الري والزراعة لدعم الاقتصاد المحلي. كما أسس جامع ابن طولون، الذي لا يزال قائمًا حتى اليوم، ليكون مركزًا للعبادة والعلم.
🔹 الدرس المستفاد: رمضان هو شهر العطاء والصدقة. مثلما كان ابن طولون يهتم برفاهية شعبه، يمكننا أن نجعل رمضان فرصة لنشر الخير، سواء بمساعدة المحتاجين، أو تقديم العلم، أو دعم من حولنا بأي طريقة ممكنة. - الصبر والتحمل: المفتاح الحقيقي للنجاح
عاش أحمد بن طولون في فترة مليئة بالتوترات السياسية، لكنه كان صبورًا ومثابرًا. أدرك أن بناء الدول يحتاج إلى وقت وصبر، ولم يكن يستعجل النتائج.
🔹 الدرس المستفاد: الصبر من أهم الصفات التي نحتاجها في رمضان. الصبر على الجوع والعطش، الصبر على تهذيب النفس، والصبر على مواجهة التحديات اليومية. مثلما تحلى ابن طولون بالصبر لبناء مجده، يمكننا أن نصبر لتحقيق أهدافنا في رمضان وما بعده.
كيف نستفيد من دروس التاريخ في حياتنا؟
أحمد بن طولون لم يكن مجرد حاكم، بل كان نموذجًا للقائد الذكي الذي استطاع أن يبني دولة قوية بفضل رؤيته وإصراره واهتمامه بالناس. وبينما نعيش أيام رمضان، يمكننا أن نستفيد من دروسه العظيمة لنضع أهدافًا واضحة، نتحلى بالإرادة، نخدم المجتمع، ونصبر لتحقيق أحلامنا.
🔸 رسالة رمضان: اجعل من هذا الشهر نقطة انطلاق نحو مستقبل أكثر توازنًا ونجاحًا، مستلهمًا من العظماء الذين سبقونا. فالتاريخ ليس مجرد قصص تُروى، بل هو كنز من الحكمة التي يمكن أن تغير حياتنا.
✨ رمضان كريم، وكل عام وأنتم بخير
