م. هبة هندى
مدربة توازن نفسي ورحلات روحانية وتطوير الذات
في عالم يسوده الانشغال بالذات والسعي وراء النجاحات المادية، يتناسى الكثير منا أهمية القيم الإنسانية التي تُشكل جوهر الحياة. من بين هذه القيم، يُبرز العطاء مكانته كواحد من أعظم مصادر السعادة الحقيقية. فالعطاء ليس مجرد تصرف عابر، بل هو نمط حياة يمكن أن يُعيد للإنسان توازنه النفسي ويمنحه سلامًا داخليًا عميقًا.
- العطاء: تعريف يتجاوز المال
العطاء ليس مرتبطًا فقط بالأموال أو التبرعات المادية، بل يمكن أن يكون وقتًا تُخصصه لمساعدة صديق، أو كلمة طيبة تُقدمها لشخص بحاجة للتشجيع، أو حتى مشاركة خبراتك مع من يسعون للتعلم. كل هذه الأشكال تُعتبر أعمال عطاء لها تأثير كبير في تغيير حياة الآخرين. - التأثير النفسي للعطاء
وفقًا للعديد من الدراسات، فإن مساعدة الآخرين تحفز إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين والدوبامين، مما يخلق شعورًا بالراحة والفرح. كما أن الأشخاص الذين يشاركون في أعمال تطوعية يظهرون معدلات أقل من التوتر والاكتئاب، ويعيشون حياة أطول وأكثر توازنًا. - العطاء كوسيلة للتغلب على الذاتية
عندما نُركز على احتياجات الآخرين، نصبح أكثر تعاطفًا وتقديرًا لما نملكه. هذا التحول من التفكير الذاتي إلى التفكير الجماعي يجعلنا أكثر قدرة على التعامل مع التحديات الحياتية بروح إيجابية. - كيف يعزز العطاء السلام الداخلي؟
العطاء يُتيح لنا فرصة للتواصل مع جوهرنا الإنساني. عندما نُساعد الآخرين، نشعر بأننا نساهم في بناء مجتمع أفضل، مما يُضفي معنى عميقًا على حياتنا. هذا الشعور يُعتبر خطوة أساسية نحو تحقيق السلام الداخلي. - أمثلة عملية على العطاء
- التطوع في المؤسسات الخيرية: سواء كان ذلك في توزيع الطعام أو تعليم الأطفال.
- مساعدة الجيران: مثل شراء حاجياتهم أو تقديم الدعم في الأوقات الصعبة.
- التبرع بالوقت: كأن تقدم مهاراتك في مجالات مثل الكتابة، التدريس، أو التصميم لمشاريع مجتمعية.
العطاء ليس مجرد فعل يُغير حياة الآخرين، بل هو رحلة تُعيد صياغة علاقتنا بأنفسنا وبالمجتمع. عندما نُعطي من دون انتظار مقابل، نكتشف أن السعادة الحقيقية لا تأتي من الأخذ، بل من العطاء. لذلك، اجعل العطاء جزءًا من يومك، وستُلاحظ كيف يتغير عالمك من الداخل والخارج.
ابدأ اليوم بخطوة صغيرة:
- ابحث عن فرصة للتطوع في مجتمعك.
- قدم دعمًا عاطفيًا أو عمليًا لشخص قريب منك.
- تبنى فكرة تقديم وقتك ومهاراتك لمن يحتاجونها.
سترى أن السعادة التي تبحث عنها قد تكون أقرب مما تتصور، فقط إذا بدأت بالعطاء
